بحث في الزواج الفاسد/المبحث الاول/المطلب الاول/الزواج في الشرائع القديمة

المطلب الاول
الزواج في الشرائع القديمة

كانت الغاية من الزواج في الجاهلية والإسلام الاستكثار من النسل ولكن الجاهلي كان يهدف إلى تقوية عصبيته لذلك كان يؤثر المرأة الولود التي تنجب البنين , أما الإسلام فكان يهدف من الزواج إلى تقوية الجماعة الإسلامية . (1)

وقد كانت العائلة في العراق القديم النواة الاجتماعية الأساسية وكان نظام العائلة حينذاك هو نظام العائلة الأبوية , فكان للرجل سلطات واسعة على أفراد عائلته غير أن السلطة الأبوية لم تبلغ حدة السلطة الأبوية عند الرومان , فإذا كان للأب في العهود الأولى من التاريخ العراقــي القديــم حق الحــياة أو المــوت عــلى أولاده فان هذا الحق لم يقر له القانون به على ولد فيما بعد إلا إذا أنكره هذا الولـــد . (2)

وسندرس في هذا المطلب أولا الزواج في القانون الروماني وثانيا الزواج في شريعة حمورابي ...

أولا/ الزواج في القانون الروماني :-

الزواج في القانون الروماني القديم هو اتحاد الرجل والمرأة اتحادا شرعيا من اجل إنجاب الأولاد الشرعيين وذلك لضمان استمرارية العائلة ويترتب على الزواج الشرعي آثار قانونية ونتائج اجتماعية

--------------------------------------------------

(1) د-محمد علي جعفر , تاريخ القوانين ومراحل التشريع الإسلامي ,ط1 , المؤسسة الجامعية , الموصل , 1986 , ص272 .

(2) د-هاشم الحافظ , تاريخ القانون , مطبعة العاني , بغداد , 1972 , ص173 .

4

لا تترتب على أنواع المعاشرة الأخرى وسنبين فيما يلي شروط صحة الزواج ونوعي الزواج في القانون الروماني. (1)

أ) شروط صحة الزواج / يشترط لصحة الزواج في القانون الروماني توافر شروط ثلاثة وهي الرضا والبلوغ وأهلية الزواج .

فالرضا في القانون القديم هو رضا الزوجين إذا كانا مستقلين بحقوقهما وأما إذا كانا تابعين للغير فعندئذ يشترط رضا أصحاب السلطة عليهما , وفي العصر العلمي أصبح رضا الزوجين لازما بجانب رضا أبويهما , ثم تطور هذا الأمر في عصر الإمبراطورية فأصبح رضا صاحب السلطة الأبوية غير وارد إذا أراد الابن الزواج .

أما البلوغ فيقصد به بلوغ الزوجين سن النضوج الجسماني الذي يؤهلهما للتناسل , وكان الأب في بادئ الأمر هو الذي يقرر سن البلوغ , ثم حدد سن البلوغ في عصر الجمهورية للفتاة باثنتي عشر سنة , أما بالنسبة للابن فظل الأمر موكولا لرب الأسرة , وفي عصر الإمبراطورية السفلى حدد جوستنيان سن البلوغ للابن بأربع عشر سنة آخذا بذلك برأي البروكليين .

ويقصد بأهلية الزواج أن يكون كل من الزوجين أهلا لعقد زواج شرعي , فقد كان حق الزواج مقصورا على الرومان وبعض اللاتينيين والأجانب الذين منحوا هذا الحق استثناءً , كما كان يعتبر قديما مانعا للزواج اختلاف الطبقات بين الأشراف والعامة . كما كان الزواج محرما بين الأصول والفروع , وبين الأقارب إلى الدرجة الرابعة . (2)

ومن موانع الزواج أيضا المصاهرة وهي الرابطة التي تنشأ بين كل من الزوجين وأقارب الزوج الآخر , فحرم الزواج بين الزوج وأصول أو فروع الزوج الآخر .

------------------------------------------------------------------------

(1) د- صبيح مسكوني , القانون الروماني , ط2 , مطبعة شفيق , بغداد , 1971 , ص88 .

(2) ثم أصبح في العصر الإمبراطوري الى الدرجة السادسة بشرط ان لا يكون احد الطرفين على

درجة واحدة من الاصل المشترك كزواج الولد من عمته .

5

ب) الزواج مع السيادة أو بدون سيادة / عرف القانون الروماني نوعين من الزواج : الزواج مع السيادة و به تخرج الزوجة من سلطة رب أسرتها لتخضع لسيادة زوجها أو رب أسرته , والزواج بدون سيادة وتبقى بموجبه الزوجة على حالتها الأولى سواء كانت خاضعة لسلطة رب أسرتها أم مستقلة بحقوقها , ولا تدخل في سيادة زوجها وإنما يخضع أولادها من الزوج إلى سلطة أبيهم .

ثانيا/ الزواج في شريعة حمورابي :-

أما الزواج في شريعة حمورابي فقد كان يقوم على نظام الزوجة الواحدة فلا يسمح للزوج إلا بزوجة شرعية واحدة , إلا أن هذه الظاهرة لم تطبق بصفة مطلقة , فقد عرف المجتمع البابلي أنماطا أخرى من الزواج إلى جانب الزواج المبني على وحدة الزوجة وهذه الأنماط هي تعدد الزوجات ونظام التسري . (1)

فالأصل في شريعة حمورابي هو الزواج الفردي , أما تعدد الزوجات فهو وضع استثنائي , إذ حرصت هذه الشريعة على عدم الزواج بزوجة ثانية وذلك لصعوبة إقامة العدل بين الزوجات .

ويمكن تحديد الأسباب المشروعة التي تجيز للزوج أن يتخذ زوجة ثانية في شريعة حمورابي بالأمور الآتية: (2)

أ‌) عقم الزوجة /

أجازت شريعة حمورابي للزوج أن يتزوج بامرأة ثانية تكون في الدرجة الثانية ويطلق عليها (الشوكيتوم) . وفي هذه الحالة تحتفظ الزوجة الأولى بمكانتها كسيدة وتعد الزوجة الثانية خادمة لها , فقد جاء بأحد نصوص عقد زواج ثان , إن على الزوجة الثانية ((أن تغسل أقدام الزوجة الأولى)) .

-------------------------------------------------------------------------

(1) ويقصد بالتسري العلاقة التي تنشأ بين الرجل وجاريته او بين الرجل وجارية لزوجته التي اعطتها له لكي تنجب له اولادا نيابة عنها .

(2) د-عباس العبودي ,شريعة حمورابي ,ط1 , الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة , 2001 , ص100 .

6

ب‌) سوء سلوك الزوجة /

أجازت المادة (141) من شريعة حمورابي للزوج الذي ترتكب زوجته إثما يحط من سمعته أن يطلقها دون أن يكون لها الحق في طلب أي تعويض . وفي حالة عدم طلاقه لها فللزوج أن يتخذ زوجة ثانية وتعيش الزوجة الأولى كأمه في بيت زوجها .

ج) إذا مرضت الزوجة مرضا خطيرا /

ففي هذه الحالة أجازت المادة (148) من شريعة حمورابي للزوج أن يتزوج من امرأة ثانية بشرط عدم طلاق الزوجة المصابة بالمرض الخطير .

7

روعه الموضوع

انتو الاروووووووووووووع