هل يصبح هور الدلمج (المصنف عالمياً) إنموذجا للصراع الاقتصادي بين محافظتين؟!

لم يعد هور الدلمج الذي يشغل مساحة تزيد على 60 الف دونم تمتد بشكل متناصف تقريبا بين محافظة الديوانية ومحافظة واسط مجرد مسطح مائي لاصطياد الاسماك والثروات الحيوانية المائية المتنوعة بل يشكل الان وفق الخارطة الاستثمارية للمحافظات اكثر من مشروع يدر اموالا اضافية لكلا المحافظتين او هكذا يخطط الاداريون في المحافظتين على المستقبل المتاح الاقرب .

فمحافظة الديوانية اعدت الخرائط اللازمة لان يكون هور الدلمج موقعا سياحيا عالميا باعتباره احد المصنفات من قبل المنظمة العالمية للحفاظ على البيئة لتشكيله نموذجا فريدا لبيئة متنوعة ونادرة ومن هذا المنطلق تتحدد الرؤية المستقبلية لحكومة الديوانية لاستغلال هذا الهور الذي ربما يكون محمية طبيعية مدعومة عالميا .

ويكشف المسؤولون في محافظة الديوانية عن مشاكل تجابه تطلعاتهم في هذا المعلم أبرزها شحة المياه المغذية له التي ساهمت في تراجع أهميته الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة إذ كان سابقا يشكل مصدرا لمئات الأطنان من الأسماك فضلا عن فرص عمل للعديد من العوائل الساكنة فيه والتي يزيد تعدادها على سبعين عائلة تطمح بتحقيق تطلعات المسؤولين المحليين ببناء مجمع سكني يحتوي على جميع المرافق الحياتية .

لعل المشكلة الاكبر التي يكشف عنها احد المسؤولين في دائرة بيئة الديوانية ان الجزء الواقع في محافظة الديوانية اصبح يعاني من غلق مغذيات المياه التي تصب في الهور من نهر المصب العام التي اغلقت بواباته دائرة المصب العام منذ عام 2007 مما تسبب بهدر ثروات سمكية وحياتية هائلة فيما بقي الجزء الواقع في محافظة واسط محافظا على ديمومته بسبب انخفاظ اراضيه بنسبة كبيرة قياسا للجزء الاول .

ويكشف المسؤول البيئي في محافظة الديوانية ان سبب غلق بوابات المصب العام المغذية للهور يعود الى تواطؤ دائرة مشروع المصب العام وهي دائرة عامة لها فرع في واسط وفرع افتتح مؤخرا في الديوانية لصالح المستثمر الذي يستثمر الجزء الواقع في محافظة واسط منذ سنوات وفق نظام المساطحة .

بل تعدى الامر الى اكثر من ذلك عندما اقدمت دائرة المصب العام على شق قناة تلتف على الهور في اراضي الديوانية لتدخل اراضي واسط ومنها يتم تغذية الهور في عمل مقصود منه اماتة الجزء الواقع في الديوانية للضغط على مستثمره للتنازل عنه لصالح المستثمر الاول ضاربين بعرض الحائط الواقع البيئي والجمالي والسياحي الذي يخص مدينة الديوانية وينم عن تغليب المصالح الشخصية على المصالح الوطنية – حسب احد المسؤولين في محافظة الديوانية - .

وافضى الجهد الذي تقوم به دائرة المصب العام الى تقويض مساحة المسطحات المائية من 60 الف دونم الى 12 الف دونم فقط وهلاك عداد كبيرة من الاسماك وهجرة اسراب الطيور الفريدة الى ملاذات اخرى منها الجزء الواقع في محافظة واسط .

ويبدو ان دائرة مشروع المصب العام تضع عشرات العراقيل بوجه مساعي محافظة الديوانية لاستغلال الهور وربما الامر يضّر ايضا بمحافظة واسط الا ان المستثمر في واسط قد قدّم تسهيلات كبيرة لبعض موظفي دائرة مشروع المصب العام وخصوصا مديرها الذي شارك في اختيار فرع الدائرة في الديوانية من موظفيه القدامى ليكسب سكوته على المخطط العشوائي والشخصي .

يقول أمين نعمة المستثمر لهور الدلمج ( الجزء الواقع في الديوانية ) انه تم تأجير الموقع من قبل عقارات الدولة في عام 1986 ثم تحولت ملكية الهور إلى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية منذ عام 1996 وحتى الآن وقد قامت شركة روسية / بلغارية بإنشاء قناة التغذية للمسطح المائي .

وذكر أن هناك قناة تصريف في حدود محافظتي الديوانية وواسط وظيفتها التوازن بين التغذية والتصريف وقد أدى غلق قناة التغذية من قبل مدير مشروع المصب العام إلى هلاك كميات كبيرة من الأسماك في المسطح بسبب قلة المياه التي تدخل الهور ما دعا الحكومة المحلية في الديوانية إلى فتح مشروع آخر في عام 2007 من النهر الثالث منطلقاً من أراضي محافظة الديوانية لتغذية المسطح المائي مستدركا ان انخفاض الأرض في المسطح من جهة محافظة واسط أدى إلى سحب المياه وجفاف مساحات واسعة من المسطح من جهة الديوانية .

وأشار إلى أن محاولات مديرية زراعة الديوانية ودائرة البيئة وتدخل الحكومة المحلية في المحافظة لضمان الحصة المائية المقررة لهذا المشروع لم تفلح في حل المشكلة كما لم تفلح الجهود التي تقوم بها اطراف متعددة في محافظة الديوانية منها منظمات مجتمع مدني ومجلس المحافظة وهيئة السياحة في اختصار الزمن امام المخاطبات الرسمية لاعطاء هور الدلمج صفة سياحية وطنية .

وحول الأهمية الاقتصادية لهور الدلمج ذكر أنه كان يغطي استهلاك محافظة الديوانية والمحافظات المجاورة من أنواع الأسماك حيث كان يصدر ما يقارب من (60) طنا يومياً في فترة الثمانينات لكن هذه الكميات تراجعت خلال الأعوام الثلاثة السابقة بسبب قلة المياه وعدم الاهتمام بهذه الثروة المهمة وكان مصدراً للزرق لكثير من العوائل التي كانت تسكن المنطقة لكنها هاجرت في الوقت الحاضر .

وطالب المسؤول الحكومة المركزية والمحلية بالتدخل لحل أزمة شحة المياه للحفاظ على هذه الثروة وبناء جسر ثابت يربط النهر بالديوانية وفتح طريق واكسائه لضمان وصول الوفود والزائرين.

ويقول المهندس عباس عبد سفيح مدير وحدة الاهوار في دائرة بيئة الديوانية أن هور الدملج يعد من المصنفات العالمية لما يتميز به من تنوع بيئي وجغرافي ويشتهر بوجود أنواع من الطيور و منها( الحذاف ، البجع ، الحباري والصقور) فضلاً عن الأسماك والحيوانات البرية ( مثل الثعلب والذئب والخنزير البري والوشق والدعلج ).

وأضاف أن هور الدملج والذي يمتد من حدود محافظة الديوانية إلى حدود محافظة واسط ولمسافة 60 ألف دونم يمتاز بتنوع طبيعي وبيئي وهذا التنوع واختلاف نوعية ا لتربة والنباتات ساهم في جذب أنواع كبيرة من الطيور والحيوانات البرية مما خلق توازناً طبيعياً وبيئياً يصبح من الواجب الوطني الحفاظ عليه وتغليب المصلحة العليا على المصالح الشخصية .

وتؤكد التقارير البيئية ان مشاكل اخرى تعصف بهذا المعلم اذ ان المنطقة لا تحظى بالحماية من الصيد الجائر رغم تأكيدات محافظة الديوانية بتطبيق قانون الحماية والحد من التجاوزات التي تتسبب في انقراض انواع نادرة من الطيور منها الصقور البرية وطيور الحباري التي لم تسجل اية مشاهدة لهما في اية منطقة اخرى بالعراق الا ان لا جهود مماثلة في محافظة واسط التي سلّمت بواقع الحال الذي يجعل الجزء التابع لها اكثر نماءا .

ولهذه الاسباب تفترح دائرة الموارد المائية في الديوانية وضع الية لتطبيق نظام الحصص ( المراشنة) بالنسبة للمياه بين محافظتي الديوانية وواسط لضمان الحصة المائية للهور ولكن يبدوا ان جميع المحاولات تصطدم برغبات المستثمر الذي يعمل بشكل نافذ ومؤثر على دوائر ومرجعيات حكومية تجعل هور الدلمج يقف عند نقطة يبقى الحال على ما هو عليه الان .

يعطيكي العافيه يالغاليه

تحياتي

magn0000n

مشكورة على المعلومات

شكرا عيني